تحْملنا الحياة من مكان إلى مكان.
وتنتقل بنا المقادير من محيط إلى آخر...
ونحن لا نرى إِلاَّ ما وَقَفَ عثرة في سبيل سيرنا
ولا نسمع سوى صوتٍ يخيفنا.
يتجلى لنا الجمال على كرسي مجده فنقترب منه.
وباسم الشوق ندنّس أذياله,
ونخلع عنه تاج طهره.
يمرُّ بنا الحبُّ مكتسيًا ثوبَ الوداعة, فنخافه ونختبئ
في
مغاور الظلمة, أو نتبعه ونفعل باسمه الشرور. والحكيم
بيننا يحمّله نيرًا ثقيلاً وهو ألطف من أنفاس الأزهار
وأرق من نسيماتِ لبنان.
تقف الحكمة في منعطفات الشوارع,
وتنادينا على رؤوس الأشهاد,
فنحسبها بُطلاً ونحتقر متَّبِعِيها.
تدعونا الحرية إلى مائدتها لنلتذَّ بخمرها وأطعمتها,
فنذهب ونشره...
فتصير تلك المائدة مسرحًا للابتذال ومجالاً لاحتقار
الذات.
تمدُّ الطبيعَةُ نحونا يد الولاء,
وتطلب منا أن نتمتع بجمالها, فنخشى سكينتها ونلتجئ
إلى المدينة, وهناك نتكاثر بعضُنَا على بعض كقطيع رأى
ذئبًا خاطفًا.
تزورنا الحقيقة منقادة بابتسامة طفل, أو قبلة محبوبة,
فنوصد دونها أبواب عواطفنا ونغادرها كمجرم دنس
القلب البشري يستنجد بنا,
والنفس تنادينا...
ونحن أشدُّ صَمَمًا من الجماد لا نعي ولا نفهم.
وإذا ما سمع أحد صراخ قلبه ونداء نفسه, قلنا:
هذا ذو جِنَّة, وتبرَّأنا منه.
هكذا تمر الليالي ونحن غافلون.
وتُصَافِحُنَا الأيَّامُ ونحن خائفون من الليالي
والأيام.
نقترب من التراب,
والآلهة تنتمي إلينا.
ونمرُّ على خبز الحياة, والمجاعة تتغذى من قوانا.
فما أحب الحياة إلينا,
وما أبعَدَنَا عن الحياة