كن متطوعاً

موضوع: كن متطوعاً الإثنين أغسطس 08, 2011 9:06 am

ديننا الاسلامي الحنيف عني بالعمل الخيري في أجل صوره وأجلى مجالاته ومناشطه ، والأمة الإسلامية المباركة تحتاج الى الاحتفاء والتماهي مع هذا الاهتمام لبيان دورها الريادي في هذه الحياة ولمجاراة الأمم الأخرى للاضطلاع بدورها الطليعي في عمارة الأرض .

ومجتمعنا الاسلامي هو مجتمع التكامل والتآزر والتعاون والتحابب منذ تشكل الاسلام وحتى عصرنا الحاضر، عني ببناء المشاعر الانسانية الشفيفة التي تحث على حب الخير للآخر ما يُحب للنفس ، عبر الحث على أداء الزكاة وإعطاء الصدقة لمستحقيها والتطوع لنفع الغير في شتى أوجه النفع والخير ..

والجمعيات الخيرية باب من أبواب الخير منّ الله تعالى به على الأمة الاسلامية لتحقيق معاني التكامل الاجتماعي الذي نتشده جميعاً ، وفي بلاد الخير ، بلادنا الحبيبة ، وبرغم الفضل المتأتي من الانضمام الى العمل التطوعي والوعد الرباني الحق لمن ينخرط في هذا المجال الحيوي والهام ، وبرغم شساعة مساحتها ، وزيادة عدد سكانها نسبياً ، لا تزيد الجمعيات الخيرية على 242 جمعية ، ينضم اليها ما لا يزيد على خمسون ألف عضو وعضوة فقط بينما ينتمي الى إحدى الجمعيات الأمريكية حوالي نصف مليون شخص , مما يدل دلالة أكيدة على أن هذا العدد لا يتواءم مع حاجة المجتمع بشتى شرائحه وألوان طيفه السياسي والاجتماعي والثقافي الى مثل هذه المناشط والخدمات الملحة التي تمارس وتقدم عبر هذا القطاع الحيوي والهام الذي يعده البعض القطاع الثالث والرديف للقطاع الحكومي والقطاع الخاص , والذي يرفد جهودهما ويساندهما في مد المجتمع بالخدمات التنموية والتربوية ويؤيد ما يقدمان من خدمات ، تشغلنا التوافه عن المشاركة في هذا العمل الفاضل ، وتذهلنا عنه حظوظ أنفسنا المتواضعة من متاع الدنيا الزائف والزائل ، معاً .

وأنا لا أقدم جديداً عندما أقول ان للجمعيات الخيرية دور بارز في ترسيخ الأمن الاجتماعي ، فالأسرة هي نواة المجتمع الأساس ،وعندما لا تستطيع الأسرة القيام بالصرف على أفرادها فإنها تحتاج إلى عون خارجي بعد عون الله تعالى وإلا لجأت إلى طرق ملتوية ووسائل غير شريفة لسد احتياجاتها ، مما يقود الى تشكيل خلل في المجتمع ، يقود بالناتج الى تفشي الجريمة بين أفراد المجتمع، في ظل غياب العمل التطوعي يتم ازدياد ارتكاب جريمة السرقة والسطو المسلح والمتاجرة في الذمم والأعراض ، ويتفشى الغش وتكثر طرق الاحتيال ، وتزداد البطالة وتتفشى بين أفراد المجتمع خاصة الشباب منهم ..

والمتطوع ذكراً كان أو أنثى إنسان لا يرجو جزاءً دنيوياً ولا شكوراً إلا من الله العلي القدير ، يحنو على اليتيم ،ويرعى ذو الاحتياج الخاص , ويرمم بعمله الطيب جراحات الأرملة التي فقدت عشيرها والمطلقة التي فجعت في زوجها وحياتها ، يُعين فقيراً , و يغيث ملهوفاً وذو حاجة , يوفق بالحلال بين رأسين ليعيشا حياة زوجية سعيدة ويكونا أسرة تكون لبنة لمجتمع إسلامي قوي ونظيف ومؤمن ..

يساعد مبتلى بكارثة طبيعية , أو ناجمة عن قمع وحشي متطرف جائر , يبني بئراً معطلة لتوفير الماء النظيف لعدد من بني الإنسان , يقدم عصا ً لأعمى يستدل بها على الطريق , و يبني مدرسة ينخرط فيها الجاهل فتزول عنه الجهالة , يقدم شاة أو بقرة لعائلة ليستقي أفرادها من ضرعها الغذاء الذي كان من قبل شحيحاً وربما في حكم النادر , يعين على تعلم مهارة , يقدم ملاذاً آمنا لمسكين , يهدي كرسياً يتمكن بواسطته معاق من التنقل إلى مقاصده من مكان إلى آخر بيسر وسهولة ،يقدم ملبساً لشبه عار ، وحقيبة مدرسية أو أدوات مدرسيه لطالب فقير ، يبني خيمة للاجئ حُرم من وطنه أو عاجز لم يقدر نتيجة العجز والعوز على توفير سكن لنفسه أو تخلى عنه أفراد أسرته ..

هو صديق للمريض بداء ارتفاع الظغط أو السكر أو القلب أوالسرطان أو غيرها، يعاون المدخن أوالمبتلى بالتورط في تعاطي المخدرات والمسكرات ليتخلصوا من هذه اللعنة ويقدم لهم العون المعنوي والمادي أحياناً للتغلب على هذا الابتلاء ،يساهم في إصلاح منحرف ، أو إصلاح ذات بين زوجين آيلة للسقوط حياتهما الزوجية وعشهما ..

يوفر للعاطل عن العمل فرصة كريمة للعيش ، يمنح فقيراً فرصة مواتية للخروج من دائرة الفقر الجهنمية التى تثنيه عن التعلم والعمل والتميز بالصحة والزواج والمشاركة في بناء أسرة وتعظيم إنتاج المجتمع ..

يدخل الفرحة على قلب مكسور، ويحنو على فؤاد مكلوم ، يمنع أن تهفو نفس إلى اقتراف جريمة لسد جوعتها ، هو بشكل عام أنفع الناس للناس ..

وفي ظل الهجمة الشرسة التي انطلقت ضد العمل الخيري الإسلامي من أعداء الأمة حتى باتوا يعدونه من باب تمويل الإرهاب , و في ظل الحاجة الماسة للتعاون مع فعاليات المجتمع واحتياجات أفراده التي تزداد كل يوم إلحاحاً ،من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتعاون على البر والتقوى ، ورغبة في أن يكون لنا دور يتفق مع ما جاء في ديننا ووعد ربنا ، ربما يحق لنا أن نتساءل ..

هل قدمنا ما هو مطلوب منا لتفعيل دور العمل الخيري في بلادنا ؟
واذا كانت الإجابة بالسلب ، وأظنها كذلك بالنسبة للكثيرين إلا من رحم الله, فما هي العوائق التي تثنينا عن الانخراط في سلك العمل التطوعي لخدمة ديننا وأمتنا وأنفسنا ؟
وما الذي يمكن أن نفعله إن نحن شاركنا في هذه الأعمال الجليلة ؟

إنها دعوة مخلصة لأن نكون أنفع الناس للناس , ولأن نفكرخارج الصندوق , نخرج من دائرة الاهتمام بذواتنا إلى التحليق في فضاءات العمل الخيري النافع لمن حولنا ولنا إن كنا نريد أن نترك في الحياة أثراً قبل أن تتخطفنا أسنة المنون , ولنتذكر أن الانخراط في هذه المناشط هو منة من الله علينا وفضل ينبغي أن نشكره عليه حق شكره رجاء نيل فضلة جل وعلا ، ورد لكيد الكائدين ودفع لحسد الحاسدين ..

ليكن منذ اليوم الانخراط في هذا المجال سلوكنا اليومي كمسلمين وكرمزلمواطنتنا الحقة وإنسانيتنا الشفيفة ، نحتاج إلى حث أنفسنا شيباً وشباباً إلى الانخراط في العمل التطوعي ، نحتاج إلى استقطاب المتقاعدين والمتخصصين في شتى المجالات للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم التي تجعل حياة ذوي الحاجة يسيرة وسهلة وفرصة طيبة للعطاء بحب وإخلاص .

فهل نتفوق على من تسند اهتماماتهم بالعمل الخيري الاعفاءات الضريبة والرغبة في الشهرة والفوز برضا المجتمع ؟!

هل يكون شعارنا وقرارنا منذ اليوم أن نكون متطوعين ؟