سارعوا إلى الاستثمار في هذا المشروع الرابح

من الصور الجميلة التي ما تزال تختزنها وتحفل بها ذاكرتي تذكراً لأيام جميلة عشتها إبان طفولتي وفي ميعة صباي وريعان شبابي بقريتي البسيطة آنئذ في مظاهرها المادية لكنها الأكثر تميزاً في مجال القيم والتحضر التي يفاخر بامتلاكها بني الإنسان ، منها ممارسة الناس على اختلاف أعمارهم وأشكالهم وألوانهم ومستوياتهم لشعيرة إفشاء السلام .

كان الناس في تلك الأيام لا يقدمون كلماً على هذه الكلمة النورانية فيقولها المار أو القادم على من حوله ماشياً كان أم راكباً قبل أن يحاوره أو يناقشه في هذا الأمر او ذاك، ومن الطريف أن البعض كان لا يأتي بها فيؤمر بالعودة إلى خارج الدار ليطلقها على الحاضرين ، وبعض من لم يكن رشيداً في تصرفاته يقولها على الجماعة فرداً فرداً فيعلم برفق أنها تقال مرة واحدة وكفى .

لاحقاً صار الإنسان يطلقها على الكثيرين من حوله في البيت والشارع والعمل وحتى في بيوت الله العظيم والمؤسف أنه يصدر عن البعض نظرات الاستغراب وربما الاستخفاف والاستهجان والتجاهل،لدرجة أن يشك المرء الذي ألقى التحية في نفسه أحياناً أقالها أم لم يقلها ، وتتلبس نفسه بألم ممض خصوصاً عندما تطلق في حضرة أشخاص يُرى من سماتهم الظاهرة أنهم أهل صلاح وتُقى، لكنهم لا يحرون عند قولها جواباً.

إن من المبهج للنفس حقاً أن يعيد كلاً منا النظر في سلوكه إن كان مضيعاً لهذه السنة العظيمة فيعّود نفسه منذ اللحظة على إطلاق هذه الكلمة النورانية على من حوله من المسلمين سواء عرفهم أم لم يعرفهم ، بل إنها الشعار الذي يعرف به المسلم بعد أن تشابهت لغات الناس وملابسهم واختلطت أجناسهم . مهم أن يهتم الناس جميعاً بإطلاق هذه الكلمة النورانية على بعضهم البعض لا سيما وقد تعلمنا لاحقاً أنها ذات آثار قوية للغاية في إشاعة الحب بين قلوبهم ونشر السلام بينهم ، والمدهش أننا نرى حرصاً منقطع النظير من الغربيين على إطلاق مثلها على مجايليهم ، بل إني شخصياً لاحظت خلال عيشي بينهم فترة قصيرة من الزمن أنه ما إن يعلق بصر إنسان بآخر ( كنوع من حب الاستطلاع أو الإعجاب بصورة مثلاً) حتى يبادره الآخر باسماً بكلمة " هاي" فيرد هذا بمثلها وربما أحسن منها، بل إنني جربتها بوابة سالكة العبور إلى قلوب البعض فتستفيد منهم المعلومات وتتعلم التجارب وتأنس بالصحبة وربما تكون الكلمة تقدمة لعلاقة ود تبقى بقاء الحياة.

السلام تحية المؤمنين , يتلقاها أهل الجنة من الله تعالى Sad

تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ ) ، ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم ) ، وهي كلمة عظيمة نرددها في كل صلاة عندما نقول بالتشهد: ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) ، وهي مما دلنا على عظمته الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في قوله Sad

والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء , إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم). رواه مسلم.

السلام يا أيها الأحبة كلمة عظيمة ، وتجارة جد رابحة فقول: "السلام عليكم" بعشر حسنات , وقول: " السلام عليكم ورحمة الله" بعشرين حسنة , وقول: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " بثلاثين حسنة. رواه أبو داود والترمزي . ومن ذا يفرط في هذه الغنيمة الباردة التي ينالها المرء بدون عناء وهذا الأجر الجزل نظير التلفظ بكلمات يسيرات . لقد كان عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما يخرج إلى السوق فيسلم على الناس ويقول :" إنما نغدو من أجل السلام فنسلم على من لقيناه".

والأسئلة التي أسوقها بحزن هي: لماذا أهملنا إشاعة هذه السنة العظيمة فيما بيننا ؟ لماذا ضيعناها؟ لماذا حرمنا أنفسنا ومن حولنا من آثارها الطيبة؟ لماذا ؟! بالرغم من أن من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم أن :" خير الإسلام بعد الصدقة أن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " متفق عليه . لماذا؟! ونحن المأمورون بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ". صححه الألباني.

إن من المهم أن يبادر كل منا إلى فعل هذا الخير وإشاعته بين الناس ولا يعبأ أرد عليه الآخرون أم لم يردوا . أسلموا عليه ام لم يسلموا . فقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى : "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام" . صححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه, فإن حال بينهما شجرة أو جدار ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً" رواه ابو داود، وقال فداه نفسي وأمي وأبي وكل أهلي: "إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم , فإذا أراد أن يقوم فليسلم , فليست الأولى بأحق من الآخرة ". رواه ابو داود والترمذي .

وصدق القائل في محكم التنزيل : "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيباً " . قوله تعالى : "إن الله كان على كل شيء حسيبا " . أي : على كل من رد السلام بمثله أو بأحسن منه ، حسيبا أي : محاسبا مجازيا ، وقال مجاهد : حفيظاً ، وقال أبو عبيدة : كافياً ، يقال : حسبي هذا أي كفاني .

أيها الأحبة : أفشوا السلام بينكم .

وسلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته

دمتم بخير.

جزاك الله خير و جعله في ميزان حسناتك

ابو بدر كتب:: جزاك الله خير و جعله في ميزان حسناتك

وإياكم أخي الكريم ابو بدر

أسأل الله أن يتقبل من الجميع ويوفقنا للخير

لك تقديري