<P id=ctl00_cphArticleDetail_pDescription>
أسوأ ما يمكن من أمراض المجتمعات هو أن يموت الإحساس بالذنب أو المسؤولية تجاه بعض صور المأساة من الفقر أو الكبت أو الاضطهاد. يموت الإحساس عندما يظن المرء بيننا أنه غير معني بحلول الصورة المأساوية أو حين يظن أن غيره سيقوم بالمهمة وحين يركن المجتمع إلى ـ الاتكال ـ فهو يدخل أولى سلالم التخاذل والتبلد.
خذه هذه الشواهد: ثلاث وعشرون معلمة في مدرسة بمكة المكرمة كن يلحظن كل صباح شواهد العنف المبرمج على جسد الفتاة الصغيرة دون تحريك حتى الساكن من اللحم حتى أفاق الوطن كله على ذبح هذه الفتاة بدم بارد قبل ما يقرب من عامين على يد والدها وزوجته. وما يبكي بالفعل أن تحقيق الزميلة ـ المدينة ـ يومها يشير إلى علم بعض الجيران ببعض الوقائع الفظيعة ومع هذا كل يتحاشى المبادرة إلى رفع الظلم ظناً أن الجار التالي سيقوم بالمهمة. وفي الجهة الأخرى، مجرم يذبح والديه وأخته ـ نحراً ـ قبل الأمس بالتحديد ثم يخرج ـ للبرحة ـ في عز النهار مجاهراً بالفطر وقصة الجريمة هي القصة المقابلة: أن العشرات كانوا يتجمهرون في دائرة كبرى من حوله وهم ينتظرون رجال الأمن للقبض عليه وأكثر من هذا فإن هؤلاء الجيران يعرفون سلوك هذا المجرم وسبق لهم خلال الشهر أن شاهدوه على ذات الجنح دون أن يتحرك فرد واحد لاستباق الحادثة المأساوية. في القصة الأخرى، بضعة من أثرياء إحدى حارات هذه المدينة يكتشفون أن أولاد وبنات (جارتهم) الأرملة لم يذهبوا للمدرسة لعامين متتاليين وأفظع من هذا اكتشافهم في بحر الأسبوع الثاني من رمضان أن الأطفال اليتامى وأكبرهم في الثانية عشرة يجمعون وجبة الإفطار من المحسنين على ـ الإشارة ـ الرئيسة في تقاطع الشوارع على رأس الحارة. وفظاعة القصة تكمن أن ـ الثري ـ حفظه الله يكتشف بالصدفة وهو خارج لصلاة الفجر طفلها الصغير وهو يأخذ كيس القمامة من العاملة المنزلية ثم يذهب به لأهله. تتبعه الرجل فاكتشف مأساة لجيرانه وهم يسعدون بالقبض على كيس زبالة. ألا تصعقكم هذه الصور؟!
علي سعد الموسى