بقاء الطفل وحيدا يساعد في تكوين صداقات وهمية
القريات: منى العبدلي 2011-09-05 1:34 AM
<P id=ctl00_cphArticleDetail_pDescription>
"يتحدث بمفرده كثيرا، ويعمل حركات عشوائية بيديه، وكأنه يخاطب أحدا بجواره، أعتقد أنه يهرب من واقع ما! أعتقد بأن طفلي يعاني من مشكلة ما، أو لربما يحتاج لطبيب نفسي للنظر في حالته" هذه العبارات تتردد على ألسنة كثير من الأمهات خوفا من الصديق الخيالي أو الوهمي للطفل، الذي لا وجود له في عالم الواقع، فذلك الصديق يظهر في حياة بعض الأطفال دونما سابق إنذار، وفجأة وبلا مقدمات، فيتناجون إليه، ويبثون له همومهم، ويعيشون معه لحظة السعادة والحزن.
الصديق الخفي أو الخيالي أو الوهمي لربما أثار قلق العديد من الأمهات لاسيما في سن قبل المدرسة.
فما هي الأسباب التي أدت إلى وجود ذلك الصديق؟ وهل تحتاج مثل تلك الحالات إلى تدخل الطبيب النفسي؟ وهل يشكل خطورة على حياة الطفل؟ ومتى يزول تعلق الطفل بصديقه الخفي الذي لا وجود له؟ وهل سيستمر معه طوال حياته؟.
تقول اختصاصية الطب النفسي الدكتورة هدى الحسن "اللعب الوهمي أو الصديق الخفي أو الوهمي ظاهرة لاخوف منها، وهي تبدأ أحيانا عند بعض الأطفال في سن ما قبل المدرسة، أي في سن الثلاث سنوات، وتبلغ ذروتها أحيانا لدى بعض الأطفال في سن الخامسة، وتبدأ بالزوال من حياة الطفل في سن السادسة أو السابعة.
وتضيف أن "الطفل يمر بمراحل عمرية متعددة، ولكل مرحلة خصائصها التي تميزها عن الأخرى، ويجب التعامل مع كل مرحلة بحسب طبيعتها، ففي مرحلة ما قبل المدرسة يرغب العديد من الأطفال في الدخول إلى عالم الابتكار، فيستعينون للدخول في هذا العالم بالصديق الوهمي، أو الخفي، أو الخيالي الذي لا وجود له إلا في عالم الخيال حيث يشبع رغباتهم الشخصية، ويساعدهم في اكتشاف العالم المحيط من حولهم".
وتستطرد الحسن قائلة: "قد تلاحظ بعض الأمهات أن أطفالهن يتحدثون إلى أنفسهم كثيرا، ولربما يتطور الأمر إلى أن يفضل الطفل اللعب بمفرده، والانزواء عن أقرانه الذين في مثل سنه، وأحيانا يتحدث الطفل بمفرده قبل النوم، ويصدر حركات عشوائية بيديه، ويتحدث إليها وكأنها دمى، أو أن يتحدث إلى بعض الأشياء، أو قطع الأثاث، وكأنها أشخاص حقيقيون".
وعن مخاوف الأمهات من تلك الحالة تقول "الحالة لا تستدعي الخوف أو الوجل منها، وهي حالة طبيعية جدا، وستزول بمجرد بلوغ الطفل سن المدرسة، بحيث يتعرف الطفل على أصدقاء المدرسة، وينخرط معهم في واقعهم، ويشاركهم الحوارات المختلفة، التي قد تساعد في إبعاده عن هذه الحالة، ونسيانها بمرور الوقت والخروج منها".
وتحذر الحسن الأم من أسلوب القمع أثناء رؤيتها لطفلها يتحدث إلى صديقه الوهمي، حيث تقول "على الأم التعامل مع الطفل بحذر شديد، وألا تعمد إلى قمعه أو نهره في حال وجدته يتحدث بمفرده، وعليها كذلك أن تشارك الطفل في حواراته، وألا تكذبه، وتظهر له عدم وجود ذلك الصديق، بل على العكس تماما يجب على الأم أن تظهر لطفلها احترامها للصيق الوهمي لطفلها، وأن تسأل طفلها عما يبحث عنه لدى ذلك الصديق؟ وما الذي يريده ويرغب فيه؟ وما هي أمنياته؟".
وأشارت إلى أن الأم يمكن أن تستشعر في إجابة الطفل مشاعر مكبوتة، يظهرها ويترجمها عن طريق التحدث إلى صديقه الوهمي، وبذلك تستطيع الأم أن توفر لطفلها كل ما يحتاج إليه، من حنان أو عواطف قد يخجل الطفل من التصريح بها أو التعبير عنها.
وعن امتداد تلك الحالة، وهل تستمر إلى ما بعد مرحلة الطفولة، تقول اختصاصية الطب النفسي "نحن لا ننكر المخاوف لدى بعض الأمهات من الصديق الوهمي والخيالي الذي لا وجود له في الواقع، ولكن في المقابل يجب التعامل مع تلك الحالات بوعي تام من قبل الأهل، حتى لا تمتد بالأطفال إلى مراحل عمرية أخرى، وذلك بأن يحسن الأهل التعامل مع تلك الحالات عن طريق إخراج الطفل من عالمه الخيالي، والتحدث إليه، ومحاورته فيما يهمه من أمور.
وأضافت أن الأهل يجب أن يعوا أهمية وجود أصدقاء للطفل، والتحدث إليهم كثيرا، فأفكارهم تكون متقاربة، ويكون بينهم انسجام تبعا للفئة العمرية التي ينتمون إليها، كذلك يجب علينا ألا نترك الطفل صاحب الحالة يجلس بمفرده وحيدا لأطول وقت، وأن نساعده على اكتشاف عالمه الواقعي من خلال التفاعل مع أقرانه، واللعب معهم، وتكوين صداقات حقيقية بدلا من الصداقات الوهمية.