التكنولوجيا الهائلة التي نعيشها اليوم، لا مفر منها الآن. فمساحات النت الشاسعة ووسائل الاتصال خلقت الكثير! إنها خرافية بالفعل وترسم الكثير من علامات التعجب والذهول!
في بحريننا الصغيرة مثلا أكثر من 26 ألف عضو في الفيس بوك، وهو رقم صعب جدير أيضاً بأن يرسم ملايين علامات الاستفهام!؟
كيف باستطاعة جهاز أن يربط خيوط تواصل قريبة أو بعيدة بين شخص معين، نراقب كلماته وانفعالاته وتقاسيمه!!
هل نؤمن بأن ثمة صديق إلكتروني هناك؟
تعرفنا عليه من وسائل الاتصال : فلكرز، ماسنجر، منتدى، شات ، فيس بوك،.....الخ يبلغ من أنفسنا مبلغا كصديق العمر؟
هل يعرف صديق النت أسرارنا وهل نمنحه الثقة؟
وهل تدوم مثل هذه العلاقات وتكبر وتجعلنا نتواصل على أرض الواقع؟
هل نثق بالأسماء المستعارة أم الصريحة؟
ما هي سلبيات هذه الصداقات وإيجابياتها؟
المدير العام لمنتديات عيون البحرين محمود عيد آدم- 25سنة يقول ''إن الصداقة الإلكترونية باتت منتشرة في شتى المجتمعات وحتى لدى كبار السن، فالوسط الإلكتروني يشمل: مواقع، منتديات، مراسلات بريد ومما يعزز التواصل هو أن جميع عمليات الاتصال، وأنا شخصياً كوّنت الكثير من الصداقات إلكترونياً وأتواصل معهم في حياتي اليومية كأننا أصدقاء منذ زمن، ولكن الثقة تكون أقل نظراً لأننا لم نرَ الشخص الآخر أو نجالسه، ويبقى أيضاً تشددي أن يبتعد النساء عن هذا النوع من التعارف لأنه من رأيي أنه الإشكال الوحيد فهنالك أصحاب ضمائر ضعيفة يستغلون الفرص لاصطياد الفتيات، باسم التعارف الهادف أما بين الشباب أعتقد أن الوضع مستقر وجيد ولا توجد مخاوف إزاءه، بل على العكس يوسع من دائرة علاقات الشاب مع الآخرين خارج مكان إقامته''.
أما حصة فاضل-22 سنة فلها رأي مماثل ''شخصياً أرى أن الصداقة الإلكترونية ظاهرة إيجابية ومفيدة، إلا أنني أتحفظ من الشات لأنني أراه مجرد كلام في وقت فراغ بلا فائدة، ولقد كوّنت صداقات ثمينة من خلال المنتديات بدأت كتعارف بسيط وآلت لصداقة قوية ومتينة''.
لكن ريم زليخ-23 سنة تؤيد هذا النوع من الصداقات شرط توافر حدود وخطوط حمراء، وتضيف ''إذا كان الشخص صادقاً فإن الثقة تولد تلقائيا، وبالنسبة للأسماء المستعارة فإن أصحابها يفرضون احترامهم من خلال الأسلوب السليم''.
بينما يقول مراقب قسم الديوانية في منتديات مملكة البحرين محمد عبدالله الخالدي-23 سنة ''إن الصداقة الإلكترونية شيء جميل ولكن يجب أن تكون متبوعة بحذر لأنها ممكن أن تكون ناجحة أو فاشلة، والحمد لله يشرفني أن أقول إني كونت لي صداقات كثيرة بفضل التواصل الإلكتروني، فقد يكسب الإنسان صديقاً عن طريق الشبكة العنكبوتية يكون أحسن من صديق الدنيا! وتكمن سلبيات هذا التواصل في ترويج الإشاعات السيئة واللجوء للكذب لأن المتحدث سيكون خلف الشاشة، أما إيجابياتها فكثيرة مثل الاستفادة من المعلومات ومعرفة العادات والتقاليد - إذا كان الصديق من دولة أخرى-. بالنسبة لي تعرفت على شخص من دولة الكويت الشقيقة عن طريق الفيس بوك وتواصلنا وذهبت للكويت واستقبلني ورحب بي بروح أخوية جميلة وأصبحت علاقتنا قوية جدا''.
يجب توخي الحذر
عبدالله بن إبراهيم-18سنة- ''مما لا شك فيه أن الانترنت بحر واسع يحوي الخبيث والطيب، لذا يجب على الشخص ألا يثق في الجميع، لأنه يجهل محادثه خلف الشاشة وعليه أن يحافظ على خصوصياته. تعرفت على الكثيرين وتواصلنا وأفضل التواصل من خلال المنتديات لأنه مثمر وقيّم، حيث يتم فيه النقاش حول الجديد في الشارع البحريني''.
وتتفق معه أشواق عبد الجليل-23 سنة- عضوة بمنتديات عروس في ''أنه يجب توخي الحذر في مثل هذا النوع من الصداقات لأنه ستكون خلف الشاشة، فكيف نثق بشخص يتواصل معنا بكيبورده؟! ونعطيه معلومات خاصة؟!''
أما منى محمد-27 سنة فتؤمن كثيراً بالصداقة الإلكترونية وهذا الإيمان جاء بعد تجربة وملامسة واقعية.. لكنها تستدرك ''ولكن يبقى الحذر أيضاً فأي شخص يمكن أن يطلي ملامحه بالأكاذيب حتى لو كان أمامك وبالنهاية الصداقة الحقيقية هي ما يراه القلب لا ما تراه العين ولا يصح إلا الصحيح''.
ويؤكد صادق أبو شملة-20 سنة- الإداري في منتديات ورود البحرين، بحرين هارت، شموع البحرين، المنامة، بحرين كريزي، معهد أطلس ''الصداقة الإلكترونية إيجابية جداً فيما لو استثمرناها بالشكل السليم وهنالك من تزوج عن طريق التواصل الإلكتروني، وبالنسبة لي شخصياً كونت صدقات كثيرة مما عزز معرفتي بهذه الشبكة العنكبوتية الواسعة المدى، ولا مانع لدي من أي يستخدم الشخص اسماً مستعارا كبداية فقد يفرض الثقة به والمصداقية إذا تعامل بصدق، ولولا التعارف الإلكتروني لما أصبحتُ مدير منتديات المنامة''.
لكن إيجابيات هذه الصداقة تتحدث عنها فاطمة محمد -20 سنة- فتقول بأن هذه الايجابيات تكمن في ''التواصل مع الناس بسهولة والتعارف على أصدقاء جدد نكتسب منهم الخبرة، وأما سلبياتها فتظهر إذا استخدمنا هذا التواصل بطريقة خاطئة، عن نفسي كونت الكثير من الصداقات عبر الإنترنت وتواصلنا على أرض الواقع وأصبحن كالأخوات بالنسبة لي بل أكثر ولكني لا أمنح ثقتي لكل من هب ودب''.
أما الشاعرة والإعلامية أمل المرزوق-22 سنة- فتؤكد بأنه '' لا شك أن التواصل الإلكتروني قرب العالم مع بعضه البعض، حيث كان من الصعب في الوقت السابق تكوين صداقات في الدول الغربية أو أمريكا مثلاً أما اليوم ومع وجود النت فمن السهل إيجاد تلك العلاقات الإنسانية المتعددة، بالنسبة لي حققت الكثير من الصداقات بالتواصل الإلكتروني ثم انتقلنا للقاءات على أرض الواقع، ولكني لا أؤمن بالشات بشكل أساسي في خلق الصداقات رغم إنه أحد الأساليب الموجودة، إضافة لوجود شبكات التواصل الاجتماعي المتعددة، وربما جاءت أغلب صداقاتي من منتديات الإنترنت حيث تتيح المنتديات مساحة للتعرف على أساليب الكتاب، وكانت صداقاتي من نفسي اهتماماتي، وبالمناسبة تعرفت على شابة قطرية تكتب الشعر وتواصلنا إلكترونياً وعبر الهاتف لمدة 3 سنوات قبل أن نلتقي على أرض الواقع''.
وبخلاف كل ذلك.. وبخلاف ما قاله شوقي ''نظرة فابتسامة فسلام فموعد فلقاء... '' يبقى التواصل الإلكتروني حقيقة واقعة في مجتمعاتنا الحديثة، فربما بدأ التواصل اليوم من ''كليك'' بفأرة الكمبيوتر وتطور بعد ذلك إلى لقاء..
ولأن معرفتنا بشخص معين لا تقاس حتماً باللقاء الأول والمكان والزمان فإنه ربما كانت التكنولوجيا وسيلة لكسب صداقات جميلة إنسانية، لا تنتهي ''بالأوف لاين''، لمَ لا ونحن نعيش في عصر السرعة!؟